Thursday, August 5, 2010

تشرب بيره و لا ويسكى يا شيخ



بقلم د. مصطفى محمود - رحمه الله


ماذا تفعل لو زارك ضيف متدين فى بيتك؟ ..ربما لا تكون أنت متدينا بالمعنى المتعارف عليه فى مجتمعنا...ربما تكون غير ملتزم بالصلاة فى المسجد..أو صيام النوافل..بل ربما لاتكون لك أية علاقة بالدين على الإطلاق وربما لم تصم أو تصل منذ سنوات...بل ربما تكون لك ديانة أخري غير ديانة هذا الضيف المتدين و لك رؤية أخرى فى الحياة قد تتعارض مع منهج حياة هذا الضيف

كل هذا لا يهم!..لأن ذلك لن يثنيك عن إكرام الضيف ومحاولة عدم جرح مشاعره أو معتقداته، على الأقل فى الفترة التى سيزورك فيها..ستحاول أن تجعل زيارته سهلة عليه وعليك وستحاول أن تبحث عن أرضية مشتركة للحديث وقضاء الوقت معه

لا يهم كم المشاكل التى تعكر صفو حياتك فكل الضغوط النفسية لن تمنعك أن تبتسم فى وجهه...ولا يهم حجم الديون التى ربما تكون غارقا فيها فهى لن تمنعك من تقديم واجب الضيافة و لو بكوب من الشاي...المحصلة أنك ستقدم للضيف ما يرضيه هو..من وجهة نظره هو و ليس ما يرضيك أنت...و حتى إذا كنت لا تريد أن تكرمه فأضعف الإيمان أن لا تؤذي مشاعره بأشياء تتعارض مع قيمه ومبادئه حتى إذا كنت لا تشاركه هذه القيم...فإكرام الضيف واجب

الغير معقول و الذي قد تعتقد أنه جنون هو موقف أحد أصدقائي الغير متدينين حين زاره شيخ متدين فى بيته ... فما أن دخل ذلك الشيخ بيت صديقي حتى قام صديقي و قال للشيخ : "سأثبت لك أنى احتفل بقدومك وزيارتك الطاهرة .. فقط أعطني دقيقة" ..إبتسم الشيخ الأسمر الذي يشع وجهه نورا وقد جلس فى غرفة الضيوف مسبحاً ... ولكن ابتسامة الشيخ الرقيقة ما لبثت أن تحولت لفم مفتوح (على البحري) من الذهول ... فلقد رأى صديقي يدخل عليه وفى يده زجاجة من الخمر ويحمل على كتفه سماعات ضخمة تخرج منها موسيقى صاخبة لفرقة من فرق عبدة الشيطان .. ووقف صديقي فى منتصف الغرفة يرقص احتفالا بزيارة الشيخ ثم مال على الشيخ قائلا : (هلت) أنوارك...تشرب بيرة ولا ويسكي يا شيخ إن شاء الله؟

الشيخ هو شهر رمضان وصديقي الغير متدين هو الإعلام العربي الذي نحسن به الظن معتبرين أنه أراد أن يحتفل بقدوم شهر رمضان المبارك (بغشامة) فوضعنا جميعا فى موقف لا نحسد عليه

:ملحوظة
الكلام ده كتبه مصطفى محمود أيام ماكان "الإعلام العربي" عبارة عن القناة الأولى المصرية ! ..طب لو كان عايش بيننا دلوقتي كان كتب إيه؟؟